المكي والمدني 1

من طرف **admin** الجمعة ديسمبر 25, 2009 12:06 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد : فهذا تعريف بعلم المكي والمدني.
إن هذا القرآن الكريم لم ينزله الله -تعالى- على نبيه -صلى الله عليه وسلم- جملة واحدة، بل أنزله منجمًا ومفرقًا بحسب الوقائع التي تقتضي نزول ما ينزل منه.
قال تعالى: [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] أي: أنزلناه كذلك لتثبيت فؤادك بالوحي المتتابع الذي تتجدد به صلتك بالله عز وجل.
وكان نزول القرآن على نبيه -صلى الله عليه وسلم- في مدى ثلاث وعشرين سنة تقريبا، فبعضه نزل في مكة، وبعضه الآخر نزل بالمدينة بعد الهجرة، فكان ينزل عليه القرآن أينما أقام في السفر والحضر، فكان منه المكي والمدني.
إن علم المكي والمدني بدأ بشكل روايات يتناقلها الصحابة والتابعون، "ولم يرد في ذلك بيان عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأن المسلمين في زمانه لم يكونوا في حاجة إلى هذا البيان، كيف وهم يشاهدون الوحي والتنزيل ويشهدون مكانه وزمانه وأسباب نزوله عيانا، (وليس بعد العيان بيان)"

التعريف الأول: أن المكي ما نزل من القرآن قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حتى ولو نزل بغير مكة، والمدني ما نزل من القرآن بعد الهجرة وإن كان نزوله بمكة. وهذا التعريف روعي فيه الزمان.
التعريف الثاني: أن المكي ما نزل من القرآن بمكة ولو بعد الهجرة، والمدني ما نزل بالمدينة، ويدخل في مكة ضواحيها كالمنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بمنى وعرفات والحديبية، ويدخل في المدينة ضواحيها أيضًا كالمنزل عليه في بدر، وأحد، وسلع.
وهذا التعريف لوحظ فيه مكان النزول، لكن يرد عليه أنه غير ضابط ولا حاصر؛ لأنه لا يشمل ما نزل بغير مكة والمدينة وضواحيهما، كقوله -تعالى- في سورة التوبة: [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] الآية فإنها نزلت بتبوك، وقوله تعالى في سورة الزخرف: [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] الآية، فإنها نزلت ببيت المقدس ليلة الإسراء.
التعريف الثالث: أن المكي ما وقع خطابًا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة. وهذا التعريف لوحظ فيه المخاطبون، لكن يرد عليه أنه غير ضابط ولا حاصر، فإن في القرآن ما نزل غير مصدر بأحدهما، نحو قوله تعالى في فاتحة سورة الأحزاب: [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] الآية، وقوله تعالى في سورة الكوثر: [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] الآية وغيرهما.
ويرد عليه أن هناك سورًا مدينة ورد فيها الخطاب بصيغة [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] يَا أَيُّهَا النَّاسُ [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] وسورًا مكية ورد فيها الخطاب بصيغة [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] مثال الأولى سورة البقرة، فإنها مدنية وفيها [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] الآية، ومثال الثانية سورة الحج، فإنها مكية عند بعض أهل العلم، وفيها [url=http://www.qurancomplex.org/b2.gif] المكي والمدني 1 B2

[/url] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا [url=http://www.qurancomplex.org/b1.gif] المكي والمدني 1 B1

[/url] الآية.
فالراجح من هذه التعريفات الثلاثة هو التعريف الأول للأسباب الآتية:
1- أنه ضابط وحاصر ومطرد لا يختلف، واعتمده العلماء واشتهر بينهم.
2- أن الاعتماد عليه يقضي على معظم الخلافات التي أثيرت حول تحديد المكي والمدني.
3- أنه أقرب إلى فهم الصحابة -رضي الله عنهم- حيث إنهم عدوا من المدني سورة التوبة، وسورة الفتح وسورة المنافقون، ولم تنزل سورة التوبة كلها بالمدينة، فقد نزل كثير من آياتها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في طريق عودته من تبوك، ونزلت سورة الفتح على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عائد من صلح الحديبية، ونزلت سورة المنافقون عليه، وهو في عزوة المصطلق.